طول عمري بسمع جملة (فلان دمه زفر).. وحقيقي ماكنتش اعرف معناها، لحد ما حصل اللي خلاني عرفت المعنى من ورا الجملة، وكمان خلاني عرفت واحد منهم؛ من أصحاب الدم الزفر..
مسكت النوتة بتاعتي وفتحتها، بصيت في ورقها وقلبته لحد ما وصلت للورق الفاضي، مسكت القلم وسرحت مع صوت أغنية لأمال ماهر كنت مشغلها على موبايلي…
(الكلام عن ذكرياتنا.. ليه مالينا بالحنين.. ليه بننسى كل حاجة لما نسمع كلمتين.. عن زمان وايام زمان.. وحكايات أولها كان.. كنا لسه في البداية.. كنا لسه عاشقين.. ليه بنهرب ماللي كان.. لما نتلاقى في مكان.. فين حنين أول مقابلة لما كنا مصدقين)
قطعت سرحاني مع الأغنية لما قربت القلم من الورقة الفاضية وابتديت اكتب…
(اليوم الأول في الاغتراب…
النهاردة اول يوم ليا وانا مُغترب، ايوه.. انا دورت على شغل في مدرسة برة القاهرة عشان اهرب منها، وبعد تدوير لفترة مش طويلة، لقيت اعلان مطلوب فيه مُدرس شاب، الأعلان كان من بوست منزلاه صفحة مدرسة خاصة في قرية ريفية، والحمد لله لما قدمت واتقبلت في الشغلانة.. والنهاردة كان اول يوم شغل ليا.. او اقدر اقول إنه يوم ما قبل الشغل، لأني بكرة همضي عقدي مع المدرسة وهبقى شغال فيها رسميًا.. ما انكرش ان المكان هنا جميل وكله زرع وخضرة، بس ده بالنهار.. نور الشمس بيخلي الألوان تظهر وتزهزه.. إنما الليل، وخصوصًا في القرية هنا، ضلمته بتبقى مُقبضة، ومش بس القرية برة اللي بتبقى مُقبضة بسبب الليل، ده كمان المبنى اللي انا قاعد فيه.. بيت من دورين، كل الأوض فيه ساكتة وفاضية، إلا الأوضة اللي انا قاعد فيها دي.. هي الأوضة الوحيدة اللي فيها سرير ودولاب ومافيهاش تراب، مكان مرعب بحق وحقيقي، لكني كنت هعمل ايه يعني.. ما انا كان لازم اوافق لأن ده المكان اللي مخصصه صاحب المدرسة، للمغتربين اللي زي حالاتي، واللي في الحقيقة مش موجودين اساسًا، هو تقريبًا ناوي يجيب مدرسين تانيين من محافظات، لأن القرية هنا صغيرة ومافيهاش عدد كافي من المدرسين، لكن لحد دلوقتي مافيش هنا غيري.. انا الوحيد اللي عايش جوة البيت ده، ورغم إن عم حسن الغفير اللي قابلته اول ماجيت وانا لوحدي، قاعد برة عند الباب الحديد اللي بيدخل للبيت، إلا إني برضه قلقان.. وقلقي كان هيفضل يكبر شوية بشوية لحد ما يتحول لوحش ممكن يبلعني، لولا صوت الأغنية اللي بحبها لأمال ماهر.. ده الصوت الوحيد اللي مونسني، بس.. بس.. ايه ده؟!.. انا سامع صوت خطوات برة أوضتي!)
لما وصلت لحد هنا وقفت عن الكتابة وطفيت الأغنية، ركزت أكتر مع الصوت اللي جاي من برة!
(عم حسن.. انت طلعت ياعم حسن؟!)
ماحدش رد!
خدت موبايلي وقومت وقفت ولبست الجاكيت اللي جنبي، اتمشيت بخطوات بطيئة ناحية الباب، فتحته بالراحة وانا كل خلية من خلايا جسمي بتترعش، مش بسبب البرد لا.. الجو كان حر جدًا رغم إننا في نوفمبر، إنما انا كنت بترعش من الخوف.
(مين؟!.. مين اللي برة؟.. انت ده ياعم حسن ولا مين؟!)
قولت أسئلتي دي بصوت عالي وانا واقف قصاد الباب بعد ما فتحته، وبرضه مافيش رد!
بلعت ريقي بصعوبة وبصيت شمال ويمين، وقبل ما اخد نَفسي بارتياحية واقفل الباب وارجع لسريري، لقيت حد جِري بسرعة في الطرقة، ومن شدة سرعته، حسيت بهوا خبط في وشي!
جمدت قلبي في اللحظة دي ومديت رجلي لبرة، خرجت خطوتين وانا ببص ناحية الشمال، ناحية ما جري الشخص السريع جدًا ده… الطرقة كانت ضلمة، لا طرقة ايه اللي ضلمة، ده البيت كله كان مضلم، حتى أوضتي، يادوب بس مافيش غير نور الأباجورة اللي على الكومودينو جنب سريري.
شغلت كشاف الموبايل ووجهته ناحية ما كنت باصص في الطُرقة، مافيش حد!.. طب ايه، انا من الخوف والقلق والوحدة اتهيألي يعني، ولا.. ولا ايه؟.. ايه صوت الكركبة ده؟
رجليا ابتدت تترعش وانا سامع من الأوضة اللي جنب أوضتي أصوات خبط وكركبة، مشيت بهدوء ناحية الأوضة اللي بابها كان مقفول، ومع قُربي، الأصوات ماسكتتش، دي ابتدت تعلى، ومعاها كمان ابتديت اسمع صوت حد بيتكلم، قربت ودني اليمين من الباب عشان اقدر اسمع اللي بيتكلم ده بيقول ايه.. وفعلًا سمعت، صوته كان واطي اه وماكنش ظاهر كويس بسبب أصوات الكركبة والتخبيط، لكني لما قربت من الباب وركزت، سمعته.. صوت راجل بيتكلم بغضب وبنبرة واطية، كأنه مش عايز حد يسمعه..
(مش هسيبه ياخدها مني.. مش هسيبهاله.. دي حتة من قلبي.. انا هاخدها منه حتى لو بالعافية)
وفجأة، سكت الصوت وسمعت صوت الأوكرة وهي بتتفتح من جوة!.. بعدت عن الباب وانا مذهول ومبرق، الأوكرة كانت بتتحرك وكأن حد بيفتحها!
رجعت اكتر وانا منتظر الباب يتفتح ويخرج من الأوضة جن ولا شيطان يموتني، إنما ده ماحصلش، الباب لما اتفتح ماتفتحش على اخره، ده يادوب بس اتوارب.. وقتها الربكة اللي جوايا والفزع، خلوني مسكت الأوكرة عشان اقفل الباب من تاني، ويارتني ما عملت كده، انا اول ما جيت اقفل الباب، لقيته اتشد من جوة واتفتح، وفي اللحظة دي ظهرت قصادي الأوضة.
ضلمة.. اللي قصادي في الأوضة كانت ضالمة بالعة جواها الضلمة اللي برة.. اما موبايلي اللي كشافه منور، فده وقع على الأرض اول ما الباب اتشد.. جمدت قلبي ووطيت، جيبت التليفون ووجهته ناحية الأوضة.
(ايه ده؟!.. ما الأوضة فاضية وكويسة اهي ومافيهاش أي حاجة، اومال ايه أصوات الكركبة دي ومين اللي كان بيتكلم جوة!!)
وانا بتكلم مع نفسي بصوت عالي، حسيت بهوا سخن جاي من على يميني، ومعاه صوت أنفاس، كنت لسه واقف في الطرقة، وده معناه إن في حد واقف جنبي!
لفيت بهدوء وبالراحة عشان اشوف مين اللي واقف، كنت بدعي في سري إنه يكون عم حسن او تكون تهيؤات، بس الظاهر إن دُعايا ماستجابش، ده لا طلع حسن ولا طلعت تهيؤات.. ده راجل او ما شوفته صرخت وطلعت اجري على تحت.
خرجت من باب البيت وروحت جري ناحية الباب الحديد اللي برة، بالتحديد لمكان ما عم حسن قاعد ومولع نار قصاده، كنت باخد نفسي بالعافية لدرجة إن عم حسن اتخض عليا وقعدني على الأرض جنبه..
-مالك ياابني.. في ايه؟.. بتاخد نَفسك بالعافية كده ليه؟
بلعت ريقي اللي اتجاب بالعافية اساسًا، عشان اعرف ارد عليه بصوت مهزوز ومليان خوف..
-جوة.. في راجل بدقن، لابس بدلة.. لقيته.. كان في الطرقة.. ووشه.. وشه شاحب وصرخ فيا.. و.. و.. الأوضة.
-اهدا.. اهدا ياابني وخد نفسك كده وحاولت تجمع قوتك، انا مش فاهم منك حاجة، اجيبلك مايه؟!
-اه.. ياريت.. انا مش قادر.
-حاضر.. استنى اجيبلك القولة من جوة.
مسكته من إيده وانا بحاول امنعه بالقوة..
-لا لا لا.. جوة لا.. ماتدخلش جوة ياعم حسن بالله عليك، اقسملك بالله في عفريت جوة.
ضحك وهو بيقرب مني وبيقعد جنبي..
-خايف عليا ياأستاذ منصور؟
-اه طبعًا خايف عليك، انت راجل طيب ومن ساعة ما قابلتك اول ما جيت، وانت بتعاملني بكل ذوق وأخلاق، فطبيعي يعني اخاف عليك.. بس انا عاوز اسألك سؤال.
-ماشي.. مع إن المفروض يعني انا اللي اسألك عن اللي شوفته جوة، بس بما إنك هديت وحابب تسأل، فاسأل وانا هجاوبك، وبعد كده بقى ابقى احكيلي عن اللي شوفته.
-حاضر.. هحكيلك، بس قولي الأول، انت بتحرس المكان ده ازاي؟!
-زي الناس ياابني، باجي هنا من بعد العشا لحد الفجرية، واما الفجر بيشقشق، باخد بعضي وبروح.
-طب وانت شغال هنا من أمتى؟!
-أديلي زمن.
-وفي الزمن ده كله بقى، ماشوفتش حاجة غريبة؟!
-غريبة من أنهي نوع يعني.. ما الغرايب كتير.
-عفريت ياعم حسن، ماشوفتش عفريت؟!
ضحك وهو بيجاوبني..
-شوف ياابني.. زمان، عمي كان بيجيب كتب من القاهرة عشان كان بيدرس هناك، ولما كان يجي البلد في الأجازة، كنت انا وقتها عندي ١٢ سنة، وكنت احب اوي بقى اقعد جنبه واخليه يقرالي الكلام اللي في الكتب.. ومن ضمن الكلام ده كان كلام واحد اسمه صلاح جاهين.. الله يرحمه كان عبقري، الراجل ده كان بيقول ايه بقى (ولدي نصحتك لما صوتي اتنبح… ماتخافش من جني ولا من شبح.. وإن هَب فيك عفريت قتيل، اسأله، مادافعش ليه عن نفسه يوم ما اندبح، وعجبي).
-ايوه.. دي رباعية لاستاذ صلاح جاهين الله يرحمه، عارفها وحافظها كويس، بس ده ايه علاقته بسؤالي.
-ماهو ده ياابني الأجابة على سؤالك.. انا اه بشوف، بس انا بقى من وانا عيل صغير، ومن بعد ما سمعت الكلمتين دول، مابقتش اخاف، ولما شبح مختار الصيرفي بيظهرلي، بقيت ابص له واضحك، فيختفي ويسيبني ويمشي.
-يااااه.. بالبساطة دي؟!
-ايوة.. ما اللي مايخافش من مكان زي ده، ويجي يحرسه زي حالاتي، او يعيش فيه زي حالاتك، الأشباح تخاف منه وتعرف تعيش معاه.
-ياعم حسن زي حالات مين بس.. ده انا خواف واجبن مني مافيش.
-لا مش خواف.. انت مهزوز، قلبك مكسور وتملي عينك زايغة وبتحاول تهرب من حاجة.
-اه.. نسيبنا بقى من الشبح ومن اللي احنا فيه، ونقعد نحلل شخصيات بعض، ياعم حسن سيبك من الكلام ده والنبي وجاوبني، مين مختار الصيرفي ده، وبعدين انت الأسم ده مش غريب عليا، انا المدرسة اللي بشتغل فيها أسمها مدرسة الصيرفي الخاصة.
-ايوة صح.. ماهو صاحب المدرسة يبقى من عيلة مختار، هو اخر واحد متبقي من العيلة.. والراجل ده ورث الفيلا وكام حتة أرض كمان في البلد.
-فيلا؟.. انهي فيلا دي؟
-اللي وراك.. ماهو البيت ده كان زمان وراه فيلا، لكن فايق صاحب المدرسة اللي انت شغال فيها، لما رجع من القاهرة وقرر يستقر هنا وورث، هد الفيلا وساب البيت ده.
-طب وهدها ليه.. وايه حكاية شبح مختار الصيرفي ده؟
-هحكيلك.. هحكيلك الحكاية كلها.. من سنين كتير، كان عايش في الفيلا دي واحد اسمه مختار الصيرفي، الراجل ده كان لسه شاب، ورث الفيلا وفلوس واراضي ومزارع من وابوه، وكل ده وهو ماكنش عدا الاتنين وعشرين سنة، بس كان ايه.. عليه دماغ في الشغل توزن بلد، وبسبب دماغه دي، وسع الأراضي اللي ورثها عن أهله وقدر ينجح في شغله اوي، لكنه في نفس الوقت برضه كان نسي حياته، وفجأة صحي من النوم في يوم، لقى نفسه ناجح ومعاه فلوس ومقضيها، بس عنده ٢٨ سنة ولسه ماتجوزش، ايوه.. ده كده متأخر كتير عن الجواز بحسبة زمنه، وعشان كده ابتدا يدور على عروسة، والحق يتقال.. الراجل قابل كتير وحاول يدور اكتر، بس مالقاش، وفي يوم وبالصدفة، قابلها.. زنوبة، او زينب.. بنت واحد من اللي شغالين عنده، كانت اصغر منه بيجي ١٤ سنة، حبها اوي وبقى مجنون بيها، فقرر يتقدملها، وطبعًا أهلها وافقوا لأنهم كانوا فلاحين وفقرا.. وهو كان شاب غني وطول بعرض، يعني لا يتقاله لأ، ولا فرصته للجواز من بنتهم ممكن تترفض، لكن البت بقى، البت يا ولداه كانت لسه صغيرة، قلبها لا كان يعرف يحب ولا يكره، هي من غير أي كلام ماكسرتش كلمة ابوها لما قالها إنها لازمن ولابد تتجوز من مختار، وكل اللي قالتهوله كانت جملة واحدة بس، جملة معتادة لبنات البلد اللي في سنها لما يجيلهم عريس.. (اللي تشوفه ياابا).. وفي خلال شهر كان مختار متجوز زينب، ومن بعد جوازهم بشهور البت بقت حامل، لكن في نفس الوقت برضه، المشاكل ما بينها وما بين جوزها كانت كترت وزادت، واللي زاد الطين بلة هي الليلة اللي لما ابوها كان سهران فيها في بيته وقاعد بيشرب الشاي، وليلتها بقى سمع الباب بيخبط خبطات سريعة وورا بعض.. اتخض وقام فتح، لقاها زنوبة اللي واقفة قصاده وبتعيط، دخلها وقعدها قصاده، وبضيق وغيظ سألها..
(انتي ايه اللي جايبك يابت انتي الساعة دي لوحدك، جوزك الاستاذ مختار باشا فين؟.. وازاي سامحلك تخرجي في وقت زي ده)
ردت عليه البت وهي بتعيط بحرقة..
(انا ماقولتلوش اني خارجة ياابا)
برقلها ابوها وقالها وهو مصدوم..
(ياليلة غبرة ياولاد.. يعني خرجتي من ورا جوزك!)
بصيتله البت والحزن ماليها وقالتله بزعل وبصوت عالي وبطريقة غريبة، كانت لأول مرة تتكلم بيها مع ابوها..
(بس بقى ياابا.. ده مش جوزي.. ده شيطان.. أبليس بنفس ذات نفسه).. يتبع
دم زفر
٢
اتخض وقام فتح، لقاها زنوبة اللي واقفة قصاده وبتعيط، دخلها وقعدها قصاده، وبضيق وغيظ سألها..
(انتي ايه اللي جايبك يابت انتي الساعة دي لوحدك، جوزك الاستاذ مختار باشا فين؟.. وازاي سامحلك تخرجي في وقت زي ده)
ردت عليه البت وهي بتعيط بحرقة..
(انا ماقولتلوش اني خارجة ياابا)
برقلها ابوها وقالها وهو مصدوم..
(ياليلة غبرة ياولاد.. يعني خرجتي من ورا جوزك!)
بصيتله البت والحزن ماليها وقالتله بزعل وبصوت عالي وبطريقة غريبة، كانت لأول مرة تتكلم بيها مع ابوها..
(بس بقى ياابا.. ده مش جوزي.. ده شيطان.. أبليس بنفس ذات نفسه)
(أبليس اما يأبلسك انتي واهلك كلهم نفر نفر.. جرالك ايه يابنت نعمة!… بتتبطري عالنعمة؟.. وامتى، بعد ما بقيتي حامل وابنك هياخد اللي ورا ابن الصيرفي واللي قدامه!)
(ياابا لا قدامه ولا وراه.. انا مابقتش عايزة منه حاجة غير انه يسيبني في حالي، انا خلاص.. جتتي نحست ومابقتش قادرة استحمل، انا كل يوم والتاني بتضرب منه بالكرباج على ضهري لحد ما ضهري اتحنى، ما اديك شايف.. اهو..)
لما كشفتله البت ضهرها، ظهر عليه أثار ضرب، منها القديم ومنها الجديد.. بعد كده غطت ضهرها وكملت كلامها اللي كانت بتقوله لابوها…
(الغني.. المتربي.. المتعلم ابن الذوات، كل ما تحصل عنده مشكلة في شغله يجي يطلعها عليا بعد ما يسكر، ولما احاول اهون عليه يشتمني بيك ويقول عليا بهيمة بنت بهايم، ولما اقوله مايصحش كده، وماينفعش تقول على اهلي حيوانات، يقوم ضاربني.. واهو.. كل يوم من ده، لحد ما النهاردة فضل يضرب فيا لحد ما كنت هسقط، لولا ستر ربنا يعني.. وبعد ما خلص ضرب فيا، تعب وسابني مرمية زي الكلبة ودخل يتخمد.. واول ما حسيت انه مش دريان بسبب شربه الكتير، وتعبه من شغله، ومن الضرب فيا برضك، لميت هدومي في بؤجة وجيت على هنا)
قومها ابوها وهو بيشدها من دراعها..
(قوومي… يلا قومي عشان ترجعي لبيت جوزك.. ومن هنا ورايح ماتفتحيش بوقك معاه بأيتوها كلمة، وحتى لو مضايق او متعفرت، سيبيه ولما يروق ابقي كلميه.. يلا قدامي ماتبصليش بكهن كده زي امك.. قوومي يلا امشي قدامي على بيت جوزك لا اقطع خبرك.. قال بؤجة هدوم قال.. هو انا لاقي آكل انا واخواتك لما تطلقي وتجيلي عشان أكلك انتي واللي في بطنك.. يلا يااختي على خزينة الفلوس اللي انتي متجوزاها، وشدي حيلك كده ومدي ايدك واكبشي منها وادي لابوكي.. يلاا.. امشي)
مشيت البت وهي مغلوبة على أمرها ورجعت بيت جوزها قبل ما يصحى ويلاحظ انها اختفت، بس دي ماكانتش النهاية، ده من هنا كانت البداية، واللي حصل بعد كده خلى حياة البت تتغير، وحياة مختار هو كمان..
البت بعد ما ولدت وجابت بنت، مختار اتجنن واتخانق معاها وقالها ازاي ماتجيبليش الواد، وكانت الخناقة دي دايرة قدام ابو زينب لما مختار قالها بصوته العالي اللي اتعودت عليه..
(وديني وما أعبد، لهموتك يازينب.. بقى انا اصرف عليكي انتي وأهلك، واشيلك على كفوف الراحة، واخرتها جايبة لي بت؟!)
لما مختار قال لمراته كده، اتدخل ابوها وحاول يهديه..
(اهدا ياجوز بنتي.. اهدا ياغالي مش كده.. صحتك بالدنيا، وبعدين انت متضايق ليه، ما انت لسه شباب وهي لسه أرض صالحة وولَادة، يعني مش هيجرا حاجة لما تجربوا تاني.. وان شاء الله النوبة الجاية يطلع عيل مش عيلة)
(نجرب ايه وزفت ايه عليك وعلى دماغك انت كمان، هي كورة وبتترمي في روليت.. ده عيل وهيشيل أسمي، وانا ماقبلش إن أول خلفة لمختار الصيرفي.. تبقى بت، انا جدي الله يرحمه كان تملي يقول إن خلفة البنات عار، فمابالك بقى لما تبقى أول خلفة)
بصت له زينب والحزن في عينيها، وقالتله وهي حاضنة بنتها..
(طب والبت ذنبها ايه، وانا ذنبي ايه.. ده نصيب وربك كاتبه علينا.. يعني ولد او بت، كله بإيد ربنا)
هز ابو زينب راسه وهو بيبص لمختار وأكد على كلام بنته..
(معلوم يامختار باشا… العيال دول رزق، والرزق بإيد ربنا)
بص مختار لزينب بقرف، وبعد كده بص لابوها باستحقار من فوق لتحت…
(وانت بتتكلم ليه انت.. اتفضل يلا من غير مطرود، مش خلاص اطمنت على بنتك وعلى حفيدتك، خدت بعضك يلا واخفى من خلقتي)
حط ابو زينب وشه في الأرض، ومن غير ما ينطق ب ولا كلمة، خد بعضه ومشي.. خرج من الفيلا وهو مكسور القلب والخاطر، ومن الوقت ده، وحياة زينب بقت جحيم، مختار منعها تخرج من الفيلا هي وبنتها، وكمان بقى بيضربها اكتر من الأول، ولما كان بيسمع صوت البت الصغيرة بنته، وهي بتعيط بالليل، كان يقوم من نومه ويضرب زينب، وكمان كان يمسك البت اللي كانت لحمة حمرا يا ولداه، ويقوم راميها عالسرير.. ااه.. ياعيني عليكي يازينب، عيشتي انتي وبنتك أيام وليالي أسود من الفحم، وكل ده ليه.. عشان حاجة انتي مالكيش يد فيها، ماهو ياابني مافيش حد فينا بيختار هو هيخلف ايه، إنما مختار بقى، ماكنش مقتنع بالكلام ده كله.. ده مخه العيان، صورله إن زينب هي السبب في خلفة البت، وعشان كده فضل حابسها وبيذل فيها، لحد ما واحدة من الشغلات دخلت لزينب عشان تدخلها الأكل، ولما الشغالة شافت حالتها وحالة بنتها، قعدت معاها وحاولت تواسيها، وساعتها زينب ميلت عليها وحكت لها على اللي بيحصل معاها، وطبعًا كانت بتحكيلها وهي بتعيط بالدموع، وفي نهاية كلامها، بصت لها زينب بضعف وقالتلها..
(انا تعبت.. تعبت ومابقتش قادرة استحمل، وياريتها جت عليا انا وبس، دي البت تعبانة وجسمها بيولع طول الليل، ولما بقوله بنتك تعبانة ومحتاجة تروح لحكيم، يقولي سيبيها.. اياكش تموت ونخلص منها، بقى يرضي مين الذل ده ياعالم، يرضي مين اتعذب انا وبنتي بالشكل ده.. ابوس ايدك، ابوس ايدك ساعديني اهرب من هنا وانا مش هنسالك الجِميل ده طول عمري)
الشغالة لما سمعت الكلام ده من زينب، ومن قبله شافت حالتها وحالة بنتها، قلبها وجعها عليهم، فقررت تساعدهم، وتاني يوم اول ما مختار خرج.. خَرجت الشغالة زينب وبنتها من الباب الوراني للفيلا وهربتها، ومن بعد هروب زينب.. راحت لابوها وحكت له على كل اللي بيحصل معاها، كان شكلها بيقول انها شافت الذل والويل، وهنا بقى ولأول مرة، ابو زينب حس بألم بنته لما شاف شكلها وشكل حفيدته، ومع صوت عياط البت الصغيرة، قام وقف وقال لزينب بعلو صوته..
(ماتعيطيش يابت.. ماحدش هيقدر يهوب ناحيتك طول ما انتي قاعدة في بيت ابوكي، وان جه وفكر يرجعك، هوقفله شيخ الغفر وكبارات البلد وهم يحكموا مابيننا، ماهو بعد اللي بيعمله ده، يأما يرجعك انتي وبنتك ويعاملكوا بالحسنى، يا أما يطلقك ويفارقك بالمعروف.. ده صراخ البت بيقطع في قلبي تقطيع)
ردت عليه بنته وهي لسه الدموع في عينيها..
(لا ياابا.. لا.. انا مش عايزة ارجعله مهما حصل، ولو على لقمتي انا وبنتي، فماتشيلش همنا، انا هنزل اشتغل واصرف على نفسي انا والبت، بس رجوع لمختار.. مش راجعة، ده مجنون ياابا.. مجنون وهيموتني انا وبنتي)
بعد ما قالتله كده، قرب الراجل من بنته وحضنها هي وبنتها، طمنها، حسسها لأول مرة إنها ليها قيمة وإنها ماينفعش تشوف اللي كانت بتشوفه على إيد مختار من تاني، اما مختار بقى، فلما روح البيت ومالقاش مراته، زعق في الخدم وسألهم عنها، وطبعًا كلهم قالوا إنهم ماشافوهاش، حتى الشغالة اللي هربتها، أنكرت إنها شافتها طول اليوم، وفي الوقت ده، ومن بعد كلام الخدم، عرف مختار إن زينب هربت، وبالعقل كده، توقع إن اول مكان ممكن تروحه هو بيت ابوها، وفعلًا.. خد مختار بعضه وراح جري لبيت ابو زينب، وهناك، وقف يخبط على الباب زي المجنون وهو بيزعق ويهلل..
(افتحوا.. افتح ياراجل خرفان، انا عارف إنها جوة، ايه.. عاوز تحميها مني، فاكر نفسك هتقدر عليا؟.. ده انا مختار الصيرفي ولي نعمتك)
فتح ابو زينب الباب وخرج، وقف قصاد مختار واستغل لمة أهل البلد قصاد بيته، وبصوت عالي قاله…
(كنت.. كنت ولي نعمتي وجوز بنتي، لحد ما مخك اتلحس وحبست بنتك ومراتك، وياريتها جت على كده وبس، ده البيه ياأهل البلد، ابن الأصول والحسب والنسب، بقى كل ليلة والتانية يضرب مراته وبنته، كان عاوز يموتهم عشان جابتله بت.. مفكر نفسه عايش أيام الجاهلية وعايز يؤدهم بالحيا، ولما بنتي ماستحملتش، هربت منه ومن عمايله وجت تستنجد بيا، ودلوقتي هي عاوزة تطلق، واديني بقولهالك اهو يامختار ياصيرفي وقصاد أهل البلد كلهم، البت هتطلق منك يعني هتطلق منك، ولو مش بمزاجك، يبقى بالعافية، وده مش كلامي، لا.. ده كلام شيخ الغفر والعمدة بنفسه كمان، ايوه.. انا روحتلهم من يجي ساعة انا وبنتي وحكينالهم كل حاجة، وكان كلامهم من كلامي، البت تطلق منك وتسيبها بالمعروف، ومصاريف بنتك، هتفضل ملزوم بيها لحد ما تكبر وتتجهز وتتجوز)
اتعصب مختار وقرب من ابو زينب وكان هيضربه، لولا إن العمدة وشيخ الغفر وصلوا، وبعد وصولهم، حاشوا مختار وقعدوه مع ابو زينب جوة بيته، وانتهت القعدة ما بينهم على الكلام اللي قاله ابو زينب.. ايوه.. اخيرًا زينب اتطلقت من مختار بعد ما واجهوه بعمايله في مراته وبنته، لا وايه كمان، دي اتطلقت وخدت كل حقوقها هي وبنتها، لكن تفتكر الحكاية خلصت لحد كده؟.. لا والله، أبدًا، دي الحكاية خدت شكل تاني من بعد طلاق، خدت شكل الجنان والغضب والموت.
-موت!.. موت مين ياعم حسن؟!
-هقولك ياابني.. بعد ما مختار طلق زينب، قعد في الفيلا لوحده بالأيام، الحزن على فراقها خلاه مش طايق يشوف حد ولا يتعامل مع حد، ده حتى الخدم مشاهم، ولو هتقولي ازاي كان بيحبها لدرجة إنه حِزن على فراقها بعد ما طلقها، وازاي كان بيضربها!.. فانا هقولك إنه ماكنش بني أدم مظبوط؛ مختار كان مخه تعبان وكان متعقد بسبب عيشته لوحده وشربه للخمرة، وبسبب جنانه ده، فضل قافل على نفسه لحد ما في يوم خرج من فيلته جري وراح على بيت ابو زينب.. فضل يخبط على الباب زي المجنون، لحد ما ابو زينب فتحله، وبعد ما فتحله بص له بقرف وقال له..
(ايوه.. اؤمر.. عاوز ايه تاني، مش كفاية التعب اللي صاب بنتك بسبب عمايلك فيها هي وامها، ايه؟.. جاي تكمل عليهم وتموتهم خالص؟!)
بص مختار جوة البيت وهو بيدور بعينه على زينب..
(لا لا.. انا مش جاي أذيهم، انا بس جاي اطمن عليها)
(تطمن على مين ياجدع يامهبوش انت.. ما خلاص يااخويا، انتوا دلوقتي مطلقين)
رد عليه مختار وهو لسه بيدور بعينه جوة البيت اكتر من الأول..
(انا مش جاي اشوف زينب، انا جاي اشوف بنتي واطمن عليها، مش من حقي برضه ولا ايه؟!)
برق له ابو زينب ورد عليه باستغراب..
(حقك؟.. اما عجايب يا ولاد، دلوقتي جاي يطمن على بته، مش هي دي اللي ماكنتش طايقها وكنت بتتمنى موتها النهاردة قبل بكرة؟)
خرجت زينب في الوقت ده على صوت ابوها، ووقفت وراه، رَفعت راسها قصاده وبصت له ب غل وقالتله…
(بتك ومن حقك تشوفها، بس هي لسه راجعة من عند الحكيم ونايمة، عارف وديتها للحكيم ليه يامختار ولا تحب افكرك؟!)
ابتدت الدموع تظهر جوة عيون مختار وهو بيرد عليها لأول مرة بصوت مليان حزن وكسرة..
(ماتزعليش مني يازينب، انتي كنتي نعمة كبيرة اوي وضاعت من ايديا، انتي وحشتيني اوي، ومش انتي وبس، ده انتي وبنتي وحشتوني اوي اوي)
(بتك؟!.. من امتى وهي بتك!… فاكر لما كانت تصرخ وتعيط في الليل، فاكر كنت بتعمل فيها ايه؟.. فاكر يامختار لما كنتي بترميها على السرير زي الكلبة عشان تعرف تضربني على كيفك؟!.. لكن لا.. خلاص، انا فوقت، انا وبتي فوقنا منك ومن همك، واهو ربنا عوضني وبعد شهور العدة هتجوز كامل ابن ابو سلطان، ابن عم امي… راجل مامعهوش فلوس زيك اه، إنما غني بالحنية والطيبة.. امشي يامختار، خد بعضك وامشي وسيبني في حالي انا وبتي، ولو على شوفتك ليها، ابقى تعالى يوم الجمعة يااخويا شوفها، إنما تنط لنا في انصاص الليالي كده، اهو ده بقى اللي مايصحش)
الغضب ملى قلب مختار وقالها بعصبية..
(والله وبقيتي تعرفي تتكلمي وتقولي اللي يصح واللي مايصحش، لا وقلبك جِمد وبقيتي تقولي في وشي إنك هتتجوزي كمان)
(اه هتجوز يامختار.. ولو ماخدتش بعضك ومشيت دلوقتي، هصوت وهلم الناس، وهجيب بقى العمدة وشيخ الغفر تاني ونشوف اخرتها ايه)
(ماشي.. ماشي يازينب، يوم الجمعة هاجي عشان بنتي، وعلى الله تقوليلي نايمة)
بعد ما خلص كلامه مشي، ومافيش ياابني، بعد اربع أيام بالظبط البت بنت مختار كانت ماتت بسبب تعبها، وبعد موتها وغسلها ودفنتها، مختار حزنه زاد اكتر وبقى يروح عند الترب كل يوم والتاني، كان بيقعد جنب قبر البت ويفضل يعيط بالساعات، لدرجة إن في ناس قالوا إنه اتلبس.. ومع مرور الأيام، الاربعين بتاع البت فات وشهور العدة خلصت، وبعد ما العدة خلصت بشهر وشوية، جه خبر لمختار إن زينب بتتحضر للجواز من قريبها، بس الغريب بقى إن زينب قبل فرحها بأسبوع، اختفت!.. وطبعًا كل الناس، بما فيهم ابوها وعريسها، كانوا شايفين إن سبب اختفاءها هو مختار، لكنهم لما راحوا لمختار قالهم إنه فعلًا مايعرفش عنها حاجة، بل وكمان ابتدا يدور معاهم عليها، وبرضه مافيش أثر.. زينب فص ملح وداب!
واستمر غياب زينب لمدة شهرين وزيادة، وفي الشهرين دول كان قريب زينب واللي كان عايز يتجوزها، سافر عالقاهرة عشان ينساها ويعدي حزنه، وكمان حال مختار اتقلب اكتر واكتر، الراجل لا بقى يقعد في الفيلا ولا بقى بيهوب ناحيتها، بقى طول الوقت قاعد في بيت الخدامين، ودقنه بقت طويلة اوي وحاله بقى يصعب عالكافر، وفي يوم، وهو قاعد مهموم وحزين وبيشرب كعادته، جاله ابو زينب ووقف قصاد الفيلا ونده عليه بعلو صوته..
(يامختاار.. يامختار الزفت، انزلي..)
يتبع
دم زفر
٣
واستمر غياب زينب لمدة شهرين وزيادة، وفي الشهرين دول كان قريب زينب واللي كان عايز يتجوزها، سافر عالقاهرة عشان ينساها ويعدي حزنه، وكمان حال مختار اتقلب اكتر واكتر، الراجل لا بقى يقعد في الفيلا ولا بقى بيهوب ناحيتها، بقى طول الوقت قاعد في بيت الخدامين، ودقنه بقت طويلة اوي وحاله بقى يصعب عالكافر، وفي يوم، وهو قاعد مهموم وحزين وبيشرب كعادته، جاله ابو زينب ووقف قصاد الفيلا ونده عليه بعلو صوته..
(يامختاار.. يامختار الزفت، انزلي..)
نزل مختار من بيت الخدامين وراح لابو زينب وهو بيطوح..
(عايز ايه يا أُس المصايب؟!)
مسك ابو زينب في رقبته وقاله بزعيق..
(بنتي.. عايز بنتي ياضلالي.. انا متأكد إنك انت اللي خطفتها)
زق مختار إيده وبعده عنه..
(خطفت ايه ياعم انت.. اجري روح شوف بنتك هربت مع مين، مش جايز تكون سافرت قبل الواد اللي هتتجوزه عالقاهرة، وراح لها بعد كده عشان يتجوزها هناك.. وكل ده وهم مقرطسينك يامقطف)
الغضب زاد جوة ابو زينب ورد على مختار بصوت أعلى..
(اخرس كك قطع لسانك.. انا بتي اشرف منك ومن أهلك، وبعدين هي هتهرب وهتتجوزه من ورايا ليه، ها!.. قولي.. هتهرب معاه ليه وانا كنت موافق إنهم يتجوزوا؟.. انت كداب.. كداب يامختار، انت اللي خطفت بتي، واقسم بالله لو مانطقت هي فين لا هكون جايب أجلك)
ضحك مختار وهو بيطوح وقعد على الأرض..
(ولا تعرف تعمل حاجة.. انت راجل بوق.. فاضي، ولو هترتاح لما تعرف مين اللي خطف بنتك، فارتاح ياعم.. انا اللي خطفتها، ومش بس خطفتها، ده انا كمان قتلتها، ولو راجل ابن راجل بصحيح، اثبت.. روح بلغ البوليس وقولهم ان انا اللي خطفتها وقتلتها عشان كانت عايزة تتجوز راجل غيري، ولما رجالة البوليس يجوا يسألوني، هقولهم ماعرفش.. ده راجل كبير وبيخرف، وابقى قابلني بقى لو لقيت دليل على الكلام اللي هتبلغ بيه)
مسك ابو زينب الشال بتاعه، وقرب من ضهر مختار وهو قاعد على الأرض..
(وانا ليه ابلغ البوليس وادور على دليل؟.. هوانا اكتع اياك.. ده انا اجيب تار بتي بإيدي ولا اتحوج لحد ابدًا)
قال كده ولف الشال على رقبة مختار، وفضل يخنق فيه لحد ما روحه طلعت، وبعد ما اكتشف ابو زينب إن مختار مات في إيده، دخل الفيلا وطلع لسطحها، بس قبل ما يطلع السطح كان بيتمشى جوة الفيلا وهو بيعيط، كان بيشم جواها ريحة بنته البكرية، وبعد ما وصل للسطح، بص على مختار من فوق والدموع في عينيه، وقاله..
(منك لله.. ضيعت بتي وبتك وضيعت نفسك وخلتني قاتل، انا مش هتسجن ولا هعرف اعيش من غير البت، دي كانت هي شمس حياتي بعد امها الله يرحمها، انا كان غصب عني لما جوزتهالك، كنت عاوز لها الأمان والعيشة الهنية مع واحد غني، دي لما كانت بتيجي تشتكيلي منك، كنت باجي عليها عشان ماخربش بيتك، بس الظاهر اني كنت غلطان.. ايوه انا غلطان ولازم ادفع تمن غلطاتي)
وهوب.. نط من فوق السطح ووقع جثة جنب جثة مختار.
لما وصل عم حسن لحد هنا، قولتله وانا مبرق..
-يعني ابو زينب انتحر؟.. طب وزينب، عرفوا هي فين؟!
-لا ياابني، ماحدش عرف، بس من يوم اللي حصل لمختار ولابو زينب، والفيلا اتقفلت، وبعد سنين جه صاحب المدرسة اللي انت بتشتغل فيها من برة وورث الفيلا وأراضي تانية، ولما قرر يعيش في الفيلا ماعرفش، الاشباح كانوا بيطلعوا له كل يوم، وعشان كده قرر إنه مش بس يسيبها ومايعيشش فيها، ده قرر كمان إنه يهدها عشان ماحدش يسكن فيها بعد كده ويتأذي، وكل اللي سابه من بواقي الفيلا، هي البوابة الحديد الورانية، اللي احنا قاعدين قصادها دي، وبيت الخدامين ده اللي انت جيت تسكن فيه ده.
-بيت خدامين وجيت اسكن فيه!.. ده على أساس اني خدام يعني؟
ضحك عم حسن وهو بيطبطب عليا..
-حشى لله ياابني.. انت خوجة ولك تقديرك.
-خوجة!.. يعني ايه خوجة؟
-مُدرس يعني، بس دي بلغة ناس زمان.
-ااه.. الله يحفظك ياعم حسن.
-ويحفظك ياابني، المهم بقى.. احكيلي حكايتك زي ما انا حكيتلك حكاية البيت والفيلا، اصل انا من وقت ما شوفتك من كام ساعة، او من اول ما جيت يعني، وانا حاسس إن وراك حدوتة كبيرة، ماهو ايه اللي يخلي شاب زيك من القاهرة، يسيب المدارس الكتير اللي هناك ويجي يشتغل هنا؟!
-الحب ياعم حسن.. الحب، انا كنت بحب واحدة وكنت قاري فتحتها، بس هي كانت بتحبني او لا، في الحقيقة ماكنتش اعرف.. وماكنتش مهتم اني اعرف، هو كل اللي انا عارفه إني حبيتها، حبيتها اوي للدرجة اللي خلتني ماصدقش إننا في يوم ممكن نفترق، بس اهو.. حصل وافترقنا، وبعد فترة من قراية الفاتحة، جت وقالتلي إنها مابتحبنيش وانها مش عايزة تكمل معايا عشان ماتظلمنيش، وقتها طبعًا ثورت وكنت هعمل كارثة، بس اهلها واهلي اتدخلوا والموضوع انتهى وسيبنا بعض، وبعدها بفترة عرفت إنها اتخطبت لواحد قابلته وحبته، وعشان كده سابتني، سابتني عسان تتخطب له، كنت هتجنن ياعم حسن، فكرت اقتلها او اقتله، لكني رجعت وقولت لا.. انا ههرب، هدور على شغل برة القاهرة وههرب عشان انساها، واهو.. هو ده السبب اللي جابني هنا.
-زين ما عملت ياابني، بس السؤال بقى، انت هتفضل تهرب لحد امتى؟!
-ماعرفش ياعم حسن.. حقيقي ماعرفش، بس اللي انا عاوز اعرفه دلوقتي حالًا بقى هو سبب ظهور الاشباح في بيت الخدامين، ليه البيت متعفرت بالشكل ده؟.. مش المفروض إن الأشباح كانوا في الفيلا، والفيلا خلاص اتهدت!
رجع عم حسن بضهره لورا، وسند على الحيطة اللي جنب الباب اللي كنا قاعدين جنبه..
-طبيعي ياابني.. طبيعي شبح مختار يظهر في البيت، ماهو كان متعلق بيه وكان بيقعد جواه تملي، وطبيعي كمان إن شبح مختار يفضل ملازم المكان ده كله عشان دمه كان زفر.
-دمه كان زفر؟!.. ده اللي هو ازاي يعني؟!
-هقولك ازاي.. الاشباح بيظهروا لسببين، السبب الأول عشان يوضحوا او يكشفوا حاجة البشر مايعرفوهاش، والسبب التاني إن الشبح بيظهر عشان صاحبه اتقتل وهو دمه زفر، واللي دمه زفر ده هو الشخص القاتل، ومختار كان قاتل، قتل مراته بعد ما خطفها، ولأنه اتقتل هو كمان، فشبحه لسه بيظهر حتى بعد ما الفيلا اتهدت… وهي دي اسباب ظهور الشبح في البيت.
-طب وشبح ابو زينب.. بيظهر؟
-وانا اعرف منين ياابني إذا كان بيظهر ولا مابيظهرش، وبعدين احنا هنقضيها طول الليل اسئلة ولا ايه، ما تطلع تناملك شوية عشان عندك مدرسة الصبح.
بصيت للبيت برعب وبعد كده بصيت لعم حسن..
-لا لا.. انا مش هطلع انام فوق انا، انا هنام جنبك هنا لحد ما النهار يطلع، وبعد ما نور الشمس ينور الدنيا، هقوم الم حاجتي من البيت واروح المدرسة واشوف حل بقى في موضوع سكني في البيت ده.. انا خلاص، لا يمكن اقعد هنا تاني بعد اللي عرفته.
طبطب عليا عم حسن وبص لي وابتسم..
-ماشي..ريح.. افرد جسمك جنبي، وانا عالصبح كده هصحيك.
سمعت كلامه ودفيت نفسي كويس بالجاكيت اللي كنت لابسه وابتديت اروح في النوم، بس اول ما غمضت عيني ونمت، سمعت صوت واحدة ست بتزعق!
(انت جايبني هنا ليه؟.. عايز مني ايه تاني بعد كل اللي عملته؟.. ايه.. مش مكفيك اللي عملته فيا وفي بنتك لحد ما جيبتلها المرض وماتت!!)
فتحت عيني على الصوت، لقيت نفسي واقف قصاد نفس الأوضة اللي جنب أوضتي، كان بابها مفتوح وكان واقف فيها راجل لابس بدلة ودقنه طويلة، وكان في جنبه بالظبط، وعلى ترابيزة صغيرة، أزازة واضح من شكلها انها أزازةْ خمرة.. وقصاده كان في واحدة ست لابسة جلابية فلاحي، ايديها ورجليها متربطين!
بص لها بنظرة كلها شر، عينيه كانت حمرة وملامحه تخوف، وبكل قوته قرب منها وشدها من شعرها..
(مش هتتجوزي حد غيري يازينب.. اوعي تكوني مفكرة إن شيخ العمدة والغفر لما اتكاتروا عليا عشان انا لوحدي، كده هدوني.. لا.. انا مابتهدش، واسمعيها مني بقى، انتي ياأما تعيشي معايا، ياأما تموتي.. إنما إن راجل غيري يلمسك من بعدي، ده اللي مش هيحصل أبدًا، انتي اول واحدة تدخل بيتي وحياتي، انتي اول واخر حبيبة تدخل قلبي يازينب)
تفت الست في وشه وردت عليه بغضب..
(اسفوخس عليك وعلى جنانك وغلك يامختار ياابن الصيرفي.. انا لا يمكن اعيش معاك مهما عملت، ولو جايبني وخاطفني هنا عشان تخيرني مابين رجوعي ليك او موتي، فانا هختار الموت.. ايوه هختار اموت ولا إني اعيش معاك ثانية واحدة بعد كل اللي عملته فيا)
الغضب زاد على ملامح الراجل ولف دراعه حوالين رقبتها بكل قوة، وفضل يضغط ويضغط لحد ما مرة واحدة سمعت صوت رقبتها وهي بتتكسر.
ماتت الست وقطعت النفس خالص، وفي اللحظة دي، ابتدت ملامح الراجل تتغير، من غضب، لحزن وكسرة، قعد جنبها على الأرض وحضنها وهو بيعيط..
(سامحيني ياحب عمري وسر تعاستي، سامحيني.. انا ماكنتش هعرف اعيش وانا مُتخيل إنك نايمة في حضن راجل تاني بعد ما كنتي نايمة في حضني، سامحيني انتي وبنتي.. وصدقيني، انا حاسس اني قريب اوي هجيلكوا)
وفجأة اتبدلت ملامحه من الحزن للاشئ، ملامح جامدة، سرح لثواني وبعدهم قام وقف وبص لها وهو مبرق..
(بس لا.. انا مش هتسجن في بنت الراجل اللي كان شغال عندي، حتى لو كانت حبيبتي.. انا لازم.. انا لازم ادفنك في مكان ماحدش يتوقعه ولا يلاقي جتتك فيه)
قرب منها وشالها وخرج بيها من الأوضة، عدى من خلالي، كأني شفاف او ماليش وجود، وبعد خروجه من الأوضة نزل من البيت وانا نزلت وراه، وفضل ماشي وانا برصه وراه لحد ما وصل قصاد الفيلا ولف.. مشي للناحية اللي ورا الفيلا، كانت أرض طينية كبيرة وفي اخرها جنينة.. حط الراجل جثة الست على الأرض ومسك جروف كان موجود في الأرض، وابتدا يحفر بكل قوته، كان بيحفر وانا واقف بتفرج عليه لحد ما عمل حفرة عميقة اوي، بص فيها وقرب من جثة الست وباسها من راسها ورماها جوة الحفرة، وبنفس القوة والسرعة ردم الحفرة وخلاها مش متشافة، ولا كأنها كانت محفورة من أصله!
كل ده كان بيحصل وانا واقف مبرق، لحد ما في لحظة سمعت صوت أنثوي من ورايا بينده بأسمي..
(منصور.. ده اللي حصل يامنصور..)
لفيت عشان اشوف مين اللي بيكلمني، لقيتها هي؛ نفس الست اللي اتقتلت واتدفنت قدامي، بس.. بس شكلها كان مفزع، عينيها كانت خارجة لبرة وجلابيتها مليانة طين ووشها مافيهوش جلد والدود ماليه!
صرخت بعلو بصوتي من الفزع، ومع صرختي صحيت من النوم.
فتحت عيني المرة دي لقيتني نايم على الأرض جنب البوابة، الشمس كانت طالعة وعم حسن ماكنش موجود، دورت عليه كتير بس مالقتهوش، وقبل ما اسأل نفسي او احتار، افتكرت إنه بيروح الفجر.. اه.. جايز جدًا يكون مشي اول ما النهار طلع ومارضيش يصحيني لأني صعبت عليه وانا نايم، والله راجل ذوق وفيه الخير.. لكن لا.. انا مش هقعد في البيت ده ولا ثانية واحدة بعد اللي حصل، انا هطلع الم حاجتي واروح عالمدرسة، وهناك بقى هبقى اقعد مع أستاذ كريم اللي عينني وبعتني للبيت المشؤم ده، وياانا ياهو… واللي قولته نفذته، طلعت بسرعة لميت كل حاجتي وحطيتهم في الشنط اللي جاي بيها من القاهرة، بعد كده نزلت جري على المدرسة، وبعد ما طابور الصباح انتهى، دخلت لأستاذ كريم بالشنط، اول ما شافني بص لي باستغراب وسألني..
-في ايه ياأستاذ منصور.. ايه الشنط دي؟!
-دي حاجتي ياأستاذ كريم، انا بعد اللي سمعته وشوفته امبارح، مش هقعد في البيت ده تاني أبدًا.
-شوفت ايه وسمعت ايه، انا مش فاهم حاجة!
حكيتله على اللي شوفته وعلى الحكاية اللي عرفتها، كان بيسمعني وهو مبرق لحد ما خلصت كلامي، وفي النهاية، رد عليا اغرب رد ممكن اسمعه في حياتي..
-انت بتخرف بتقول ايه؟.. اولًا ياأستاذ، زينب دي هربت وماظهرتش من تاني، يعني مختار بيه قريب أستاذ فايق، برئ من موضوع قتلها ده، وثانيًا بقى الراجل اللي اسمه حسن ابو زينب ده، كان بيشتغل عند مختار قبل الجوازة، وبعد ما الجوازة تمت، مختار أصر إنه يقعد من الشغل لأن ماينفعش حماه يبقى بيشتغل عنه، وبقى شايله هو وعياله، وبعد المشاكل اللي حصلت مابينهم، وبعد ما بنت زينب ماتت، زينب اختفت، ومن بعدها الواد اللي كانت هتتجوزه، يعني احتمال كبير اوي تكون هربت قبله وهو هرب بعدها، واتقابلوا واتجوزوا… اما حسن بقى، فده اتجنن وراح قتل مختار بيه وبعد كده قتل نفسه، وفي النهاية الفيلا اتسكنت بسبب عمايله، وأستاذ فايق هدها وساب البيت اللي انت كنت قاعد فيه، سابوه للمدرسين المغتربين اللي ناوي يعينهم في المدرسة… وثالثًا بقى وده الأهم، انا مش مصدق أي كلام من اللي انت قولته ده، انت تلاقيك سمعت ناس من أهل البلد بيحكوا الحكاية كعادتهم يعني، ولما سمعتهم، اخترعت إنك شوفت حسن وإنه حكالك، مع إنه اصلًا لا في حسن، ولا البيت له حارس ولا غفير من أساسه.
-بس بس بس.. انت بتقول ايه ياعم انت، حسن مين اللي ابو زينب وقتل مختار، انا بقولك شوفته بعيني وكنت سهران جنبه طول الليل، وبعدين ده هو اللي حكالي الحكاية كلها، ده انا حتى نمت جنبه لحد الصبح.. ايه، انت عايز تقنعني اني طول الوقت ده كنت قاعد مع عفريت؟!
ضحك كريم ورد عليها باستهزاء..
-والله انت مضحك جدًا، لا وممثل شاطر كمان، ياأخي احترم عقلي شوية، ولو يعني عاوز تغير المكان او تمشي من المدرسة خالص، تعالى قولهالي وش.. مش مستاهلة كل اللفة دي، اتفضل ياأستاذ منصور.. امشي، انت كده كده لسه مامضيتش معانا عقد تعينك.
مسكت شنطي وبصيتله بقرف..
-همشي ياعم.. همشي ومش هتشوف وشي تاني، بس قبل ما اسافر وارجع القاهرة، حابب اقولك اني مابخرفش ولا بخترع حكايات، كل اللي انا قولتهولك ده حصل، والظاهر كده إن حكاية زينب ومختار دي حكاية معروفة اوي في البلد هنا، لكن انا بقى قدرت اعرف هي مدفونة فين، وعشان كده قبل ما اسافر، فانا هعمل اللي عليا واللي يريح ضميري.. سلام ياأستاذ..
خرجت من عنده وطلعت على النقطة، وهناك قابلت الظابط وقعدت معاه وحكيتله كل حاجة، كل حاجة بالمعنى الحرفي، وبعد ماركز مع كلامي وسمعني كويس اوي، قالي بجدية..
-انا مش عارف اقولك ايه بصراحة، يعني انا دلوقتي ايه المطلوب مني؟!
-المطلوب يافندم انكوا تحفروا في الأرض اللي ورا البيت وورا بقايا الفيلا.. الأرض دي مدفون فيها جثة زينب اللي بيتقال انها اختفت.
-طب وبعد ما نطلعها، ده لو لقينالها جثة يعني.. ايه اللي هيحصل يعني؟.. ما انت عارف اكيد إن الموضوع عدى عليه سنين!.. وكده كده كل المتهمين ماتوا، حتى الراجل اللي كانت هتتجوزه وسافر القاهرة، أكيد مات هو كمان.
-يافندم الموضوع هيفرق كتير اوي، انتوا حتى لو لقيتوا بقاياها او رفاتها او اي حاجة تثبت إنها لسه موجودة، بكده هتبقوا بتثبتوا براءتها من تهمة الهروب، وكمان هتبقوا بتثبتوا إن مختار هو اللي قتلها فعلًا.
فضلت اتكلم واتجادل مع الظابط لحد ما في النهاية وافق، بس قبل ما يوافق قالي إنه لو راح هو ورجالته وحفروا ومالقوش حاجة، هيحبسني بتهمة إزعاج سُلطات، لكنه لما جاب إذن النيابة وراح حفر في المكان اللي دليته عليه، واللي شوفته في الحلم، لقى هو ورجالته بقايا عضم وجلابية فلاحي.. نفس الجلابية اللي كانت لابساها زينب يوم ما اختفت، او بالمعنى الأوضح بقى، يوم ما اتقتلت.. واللي حصل بعد كده إن اللي لسه عايشين من عيلة زينب، جُم خدوا رفاتها ودفنوه في ترب عيلتها، اما البيت بقى، ف فايق، صاحب المدرسة، هده زي الفيلا عشان يريح دماغه، والأرض دلوقتي بقت فاضية.. طب وانا؟.. انا ياسيدي دلوقتي راكب القَطر وراجع القاهرة من تاني بعد ما خلاص.. اتغيرت، اللي حصلي واللي شوفته غيرني، الحب مش بالعافية، انا مش هجبرها إنها تحبني او تسيب خطيبها وترجعلي، ماهي طالما ماحبتنيش من اصله وحبت واحد تاني، يبقى خلاص.. ربنا يسعدها معاه، ويبعتلي انا كمان اللي ابدأ معاها حياتي وتنسيني، لكن وانا قاعد في القَطر مسكت التليفون بتاعي وشغلت الأغنية اللي كنت بحب اسمعها تملي.. اشتغلت من مكان ما وقفت اخر مرة..
(تعمل ايه كلمة ياريتنا.. مين يضيع عُمر راح.. كنا بنشوف كل حاجة.. حلوة حتى لو جراح)
ابتسمت بسخرية وطفيت الأغنية وانا ببص في التليفون..
-لا.. غلط.. الجراح عمرها ماتتشاف حاجة حلوة ياست أمال ياعظمة، الحب اللي يجي بجرح ووجع قلب، يبقى بلاه.
-صح.. معاك حق، والبني أدم اللي يقتل حتى لو عشان بيحب او عشان ينتقم، يبقى مجرم.. وكمان دمه زفر.
بصيت لصاحب الصوت اللي رد عليا من على الكرسي اللي جنبي، لقيته هو.. شبح عم.. عم حسن.. شبح اللي قتل مختار.. شبح صاحب الدم الزفر!.. ايوه.. حسن دمه زفر حتى لو كان قتل عشان ينتقم لبنته، لكن في النهاية هو برضه قاتل… بس عارفين، انا ماخوفتش منه، انا بصيتله وابتسمت، ومع ابتسامتي له، اختفى فجأة زي ما ظهر فجأة.
تمت
محمد شعبان